
أوضاع التقنية المالية المتنامية في المملكة العربية السعودية: تحقيق إمكانات وقدرات الشمول المالي
سجل بريدك الالكتروني للحصول على احدث المقالات والتقارير
.لفهم كيفية معالجة بياناتك الشخصية، يرجى الاطلاع على إشعار الخصوصية الخاص بنا.

الملخص التنفيذي
تهدف رؤية 2030 لجعل التقنية المالية حجر الأساس في التحول الاقتصادي، وتستهدف تقديم مساهمات كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي وزيادة الشركات الناشئة في مجال التقنية المالية بحلول عام .2025
ُتعد البيئة التنظيمية داعمة للقيام بذلك من خلال توفير المبادرات مثل مبادرات الصندوق التنظيمي والإطار المصرفي المفتوح الذي يعزز الابتكار والأمن.
من المتوقع تبلغ قيمة قطاع التقنية المالية في المملكة العربية السعودية 63,90 مليار دولار أمريكي بحلول عام ،2024 مدفوعا باستثمارات كبيرة من الحكومة والقطاع الخاص.
تعمل حلول التقنية المالية على تعزيز الشمول المالي من خلال اعتماد أنظمة الدفع الرقمية والدفع عبر الهواتف الذكية على نطاق واسع.
يؤكد تطور التقنية المالية في المملكة على التزامها بالنمو الشامل والتنويع الاقتصادي، ما يجعلها دولة رائدة في مجال التقنية المالية في المنطقة.

المقدمة
وفقا للتغطية الإخبارية الأخيرة المتعلقة بالإصلاحات الكبيرة في المملكة العربية السعودية، قد يفترض المساهمون أن التقنية المالية وهدف الشمول المالي هما فكرتان جديدتان لاقتصاد المملكة العربية السعودية، مدفوعتان من الناحية التقليدية باحتياطات المملكة الكبيرة من النفط.
ومع ذلك، لا يعكس هذا التصور التزام المملكة العربية السعودية طويل الأجل بالشمول المالي من خلال التكنولوجيا. ووفقا لتقرير مؤسسة فنتك السعودية لعام 2022 ، تعمل المملكة العربية السعودية على دمج التقنية المالية المتقدمة منذ التسعينات عندما أطلق البنك المركزي في البلاد (البنك المركزي السعودي) الشبكة السعودية للسداد (مدى) وبوابة (سداد) للدفع، وهما شبكتان وطنيتان لسداد ُ المدفوعات مصممتان لخفض رسوم المعاملات. ومنذ ذلك الحين، نفذت العديد من المبادرات لزيادة الاستفادة من التقنية المالية ودفع التنمية المالية.
في الوقت الحالي تتحول المملكة العربية السعودية بسرعة إلى قوة عملاقة في مجال التقنية المالية، مدفوعة بالتضافر بين الرؤية الاستراتيجية والأطر التنظيمية القوية والمبادرات المبتكرة. ويعد هذا القطاع ً المزدهر قطاع ً ا محوريا في التنويع الاقتصادي للمملكة ورسالتها التي تهدف لتعزيز الشمول المالي، وهو حجر الأساس في رؤية المملكة العربية السعودية 2030
رؤية :2030 اهداف الاستراتيجية للتكنولوجيا المالية

ُتعد رؤية 2030 بمثابة خطة المملكة العربية السعودية للحد من اعتمادها على النفط، وتعزيز التنوع الاقتصادي. وكجزء من هذه الرؤية، تعمل حكومة المملكة العربية السعودية بصورة فعالة على الترويج للمعاملات غير النقدية كجزء من استراتيجية الشمول الاقتصادي والمالي واسعة النطاق.
ومن الجوانب الرئيسية لهذه الرؤية برنامج تطوير القطاع المالي الذي يهدف لزيادة مساهمة قطاع التقنية المالية في الناتج المحلي الإجمالي من ١ مليار دولار أمريكي إلى 3,46 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025 وزيادة عدد الشركات العاملة في مجال التقنية المالية إلى 230 شركة بحلول العام نفسه.
في تقرير أعدته شركة آرثر دي ليتل، وهي شركة استشارات استراتيجية، حددت الشركة ما يزيد عن 200 شركة من شركات التقنية المالية النشطة حاليا في المملكة العربية السعودية، حيث كان عددها 82 في عام .2020 يشير ذلك لإحراز تقدم ملحوظ في هذا القطاع على مدار السنوات الأربع الماضية، ما دفع قطاع التقنية المالية في المملكة العربية السعودية لاحتلال مكانة رائدة في المنطقة.
كما يهدف البرنامج لأن تشكل المعاملات الرقمية %70 من جميع المعاملات المالية بحلول عام ،2025 ما يعكس التحول الكبير والهائل نحو الاقتصاد غير النقدي.
الإطار التنظيمي الداعم
وابتكارات السوق
يعتمد نجاح أوضاع التقنية المالية السعودية على عدد من التطورات، بما في ذلك الدعم الحكومي القوي. تعد البيئة التنظيمية في المملكة العربية السعودية واحدة من أكثر البيئات ملاءمة للتكنولوجيا المالية في المنطقة. أطلق البنك المركزي السعودي وهيئة السوق المالية مجموعة من اللوائح لدعم الابتكار وضمان توفير نظام بيئي مالي آمن. تشمل اللوائح الرئيسية دعم وتحسين لوائح مزودي خدمات الدفع وإصدار توجيهات الترخيص الإضافية للبنوك الرقمية فقط.
كما أصدر البنك المركزي السعودي إرشادات أكثر تفصيلا بخصوص معاملات اشتر الآن وادفع لاحقا في شهر ديسمبر من عام 2023 والتي تنص على متطلبات الترخيص والحد الأدنى لرأس المال وتدابير حماية المستهلك ً التي تنطبق على شركات “اشتر الآن وادفع لاحقا” العاملة في المملكة العربية السعودية.
علاوة على ذلك، يسمح الصندوق التنظيمي، الذي تم تحديثه في عام 2022 ، لشركات التقنية المالية باختبار منتجاتها وتحسينها في بيئة خاضعة للرقابة، ما يشجع على الابتكار مع التخفيف من المخاطر. كما قام ً مختبر التقنية المالية التابع لهيئة السوق المالية بدور ً ا فعالا في دعم الشركات من خلال توفير تصريح تجربة التقنية المالية التي تمكنها من اختبار نماذج الأعمال المبتكرة تحت إشراف دقيق.
ُيعد الإطار المصرفي المفتوح أحد أهم التطورات التنظيمية، وقد تم إطلاقه في عام 2022 . يحدد هذا الإطار ُ تشريعات شاملة ومعايير تقنية تمكن شركات التقنية المالية من تقديم خدمات مصرفية مفتوحة. تسمح هذه الخدمات لمقدمي الخدمات المالية التابعين لجهات خارجية بالوصول إلى المعلومات المالية للعملاء بطريقة آمنة. يعني ذلك أنه يمكن للعملاء اختيار مشاركة البيانات المصرفية، مثل سجل المعاملات وتفاصيل الحساب، مع الشركات الأخرى التي تقدم خدمات مالية، مثل تطبيقات إعداد الموازنة أو المقرضين. يشجع ذلك على المنافسة والابتكار في القطاع المصرفي.
ولا يقتصر الأمر على التنظيم فحسب، بل يشمل أيض ً ا المبادرات المجتمعية التي تؤدي دورا حاسما في رعاية النظام البيئي للتقنية المالية. وخير مثال على ذلك هو مؤسسة فنتك السعودية، التي أنشأها البنك المركزي السعودي وهيئة السوق المالية في عام 2018 . من خلال توفير الموارد والبرامج التعليمية وورش التدريب، ُ تدعم مؤسسة فنتك السعودية الشركات الناشئة ورواد الأعمال، ما يسهل اندماجهم في السوق. وتعد ً هذه المبادرة مفيدة في جعل المملكة العربية السعودية مركز ً ا رائدا للتقنية المالية في المنطقة.
ُتعد منصة تالا للاستثمار الرقمي في سدرة المالية أحد الأمثلة الأخرى على ذلك. توفر المنصة فرصا استثمارية ُ عالية الجودة متوافقة مع الشريعة الإسلامية للمستثمرين من الأفراد. وتمثل هذه المنصة حقبة جديدة من الاستثمار مصممة لخدمة كل من السعوديين والمغتربين الذين يعيشون في المملكة العربية السعودية، ما يجعلها مركزا للمستثمرين المتنوعين الذين يسعون إلى النمو والازدهار المالي. تنفذ منصة تالا الاستثمارات المحجوزة بالشكل التقليدي فقط للأفراد ذوي الملاءة المالية العالية وتوفريها للمزيد من المستثمرين في المملكة العربية السعودية.
نجحت منصة تالا في إغلاق أول عرض مدرج من القطاع الخاص للمستثمرين الأفراد في صندوق سدرة للدخل، وهو صندوق متعدد الأصول حائز على جوائز لم يتوافر من قبل إلا للمستثمرين المتميزين والكيانات المسجلة. يمثل هذا الإنجاز خطوة مهمة نحو توفير إمكانية مشاركة الأفراد إلى الصناديق المحلية أو الدولية الخاضعة للرقابة والمتوافقة مع الشريعة الإسلامية عبر فئات الأصول المتنوعة.
وفي حديثها عن الرؤية الأساسية لمنصة تالا، قالت شركة سدرة المالية: “على مستوى الاقتصاد الكلي ، نرى اهتماما كبيرا بالاقتصاد السعودي في السعي لتحقيق رؤية 2030 . ومع ذلك، إذا أردنا تحقيق حلمنا، يجب علينا خلق الفرص للجهات الأساسية من المؤسسات فحسب، بل يجب علينا تزويد المواطنين والمقيمين بفرص لإنشاء الثروة بنفس الحجم. آنذاك فقط سوف نكون قادرين على تحقيق أي نجاح على المدى الطويل.”

الفرص الاستثمارية الجديدة
وتعزيز الشمول المالي
يشهد قطاع التقنية المالية في المملكة العربية السعودية ازدهارا كبيرا بفضل النمو السريع والبيئة التنظيمية الداعمة. تعمل حلول التقنية المالية على إحداث ثورة في الشمول المالي في البلاد. تساعد أنظمة الدفع الرقمية والمحافظ الإلكترونية ومنصات الإقراض الصغير في إتاحة الخدمات المالية للمجتمعات التي ُ كانت تعاني من نقص الخدمات في السابق. ي ً عد التحول نحو الاقتصاد الرقمي واضحا، حيث شكلت المدفوعات الرقمية %70 من معاملات البيع بالتجزئة في عام 2023 .
يبرز هذا الاعتماد واسع النطاق مدي التحرك نحو الأوضاع المالية الأكثر شمولا. وفقا للتقرير السنوي الصادر عن مؤتمر القطاع المالي لعام 2023 ، من المتوقع أن يحقق سوق التقنية المالية في المملكة العربية السعودية 63,90 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2024 ، بمعدل نمو سنوي مركب يزيد عن .%6 يعمل هذا النمو المثير للإعجاب، مدعوما بالمبادرات الاستراتيجية والدعم الحكومي، على جذب الاهتمام الكبير من المستثمرين العالميين لأنه يوفر فرصا مربحة للمستثمرين ذوي الملاءة المالية العالية. مع استمرار الشركات العاملة في مجال التقنية المالية في إعادة تشكيل أوضاع الخدمات المالية وتوسيع نطاقها في البلاد، ثمة حاجة متزايدة لتوفير التمويل الاستراتيجي والاستثمار لدعم نموها.
ولا شك بأن الحكومة السعودية تقوم بدورها ،فقد قدمت مؤسسات مثل الشركة السعودية للاستثمار الجريء تمويلا كبيرا للشركات الناشئة، وكانت مكملة لاستثمارات القطاع الخاص. بحلول نهاية عام ،2023 اجتذبت الشركات الناشئة في مجال التقنية المالية أكثر من 4 مليارات ريال سعودي من المستثمرين المحليين والإقليميين والعالميين.
الخاتمة
يعكس مشهد التقنية المالية في المملكة العربية السعودية الرؤية الاستراتيجية للمملكة وتفانيها في التنويع الاقتصادي والشمول المالي. ومن خلال وجود إطار تنظيمي قوي ومبادرات مبتكرة واهتمام متزايد من المستثمرين، من المقرر أن يترأس قطاع التقنية المالية التغييرات الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة، مما يجعل الخدمات المالية أكثر سهولة وشمولية.
وحيث أنه من المقرر استخدام الهواتف الذكية للوصول إلى نسبه %92 من الخدمات في عام 2024 ، أصبحت ً الخدمات المالية الرقمية متاحة أكثر للجميع. يوفر الاستخدام الواسع للهواتف الذكية ويفتح فرصا كبيرة لسوق التقنية المالية السعودية لتجاوز البنية التحتية القديمة، مع التركيز على الابتكار والتوسع لتناول القضايا الاقتصادية والاجتماعية مثل الإقصاء المالي وانخفاض معدلات الادخار الشخصي.
بالنسبة للمستثمرين، يوفر سوق التقنية المالية المزدهر في المملكة العربية السعودية أرضا خصبة للاستثمار، ً مدعوما بالابتكار والرؤية الاستراتيجية والبيئة التنظيمية الداعمة. مع تقدم المملكة نحو تحقيق طموحاتها في رؤية 2030 ، يستعد قطاع التقنية المالية ليصبح حجر الأساس في تحولها الاقتصادي.